كنت أعتقد أن برامج المقالب موضة قديمة لن يشاهدها أحد، لكن من حين لآخر يظهر لنا صناع محتوى “يبدعون” في صناعة المقالب وفي جذب الكثير من المشاهدين، ومع كثرة المشاهدات فإنهم يثيرون النقاش حول صوابية ما يقومون به، والحجة التي يستحضرها صناع المقالب أو المدافعين عنهم هي الحصول على موافقة ضحايا المقالب على نشر المقلب. هل الموافقة الشفهية من الضحية على نشر المقلب كافية لإزالة الحرج الأخلاقي عن صانع المقلب؟ لا أعتقد ذلك، فهناك عدة أمور يتم التغافل عنها والتي تؤثر على حكمنا على المقالب
زخم المقلب
في كثير من المقالب يتم التلاعب بعواطف الضحية وإثارة مشاعر الخوف أو القلق أو الغضب لديه أو إحراجه بدرجة كبيرة، وهنا نتساءل: هل الضحية في حالة تسمح له في التفكير بقرار النشر بعد المقلب مباشرة؟ هل الضحية في حالة مناسبة لاتخاذ قرار الموافقة على نشر المقلب؟ أيضا ماذا إن غيّر الشخص رأيه لاحقا ورفض النشر، هل تُتاح طريقة للتواصل مع صانع المقلب لإعلامه بتغيير رأيه؟ للخروج من هذه الإشكاليات أرى أن الحصول على موافقة الأفراد بالنشر بعد يوم أو يومين من حدوث المقلب يمنح الضحية وقتا جيدا للتفكير في قراره وفي النتائج المترتبة على النشر دون إجباره على اتخاذ قرار وهو متأجج المشاعر
ما رأي ضحايا المقالب في المقلب بعد إضافة المؤثرات والميمز له؟ هل يندمون على موافقتهم على النشر بعد مشاهدتهم للصورة النهائية للمقلب؟ أزعم أن نسبة كبيرة منهم نادمون على موافقتهم بسبب “البهارات” المضافة للفيديو والتي قد تكون جارحة أو مسيئة لهم
مدى انتشار برنامج المقالب
قد تظن نفسك محظوظا لأنك تعيش في عصر يكثر فيه المحتوى لتختر ما تريد مشاهدته، فلست مجبرا على متابعة المسلسل الوحيد الذي يعرض على المحطة الوحيدة في التلفاز، وهذا أمر جيد، لكن أيضا إن كثرة المحتوى تقلل من احتمالية أن تتابع أنت وصديقك المحتوى ذاته؛ لأن هذه الكثرة تعني أن الجميع لن يتابع المحتوى نفسه وقد لا يكون على علم بوجوده أصلا! ما علاقة هذا بموضوعنا؟
هذا يعني احتمالية أن يجهل الناس برنامج المقالب وبمدى انتشاره، فقد يوافق الضحية على نشر المقلب لأنه يعتقد بأن البرنامج قليل الانتشار ولا يمكن أن يصل لأهله وأصدقائه أو لمن لا يريدهم أن يروا المقلب. وهنا يجب على صاحب المقلب إعلام المشارك بمدى انتشار البرنامج، وأن البرنامج سيصل لآلاف أو لملايين الأشخاص من بينهم أسرته وأصدقائه. ليكون على بينة بالعواقب المترتبة على نشر المقلب
هل الضحية في حالة تسمح له في التفكير بقرار النشر بعد المقلب مباشرة؟ هل الضحية في حالة مناسبة لاتخاذ قرار الموافقة على نشر المقلب؟ أ
بهارات تغير من طعم المقلب
من حسن حظ صناع برامج المقالب التقليدية أو التلفزيونية أنه لا يجب عليهم إضافة الكثير من المؤثرات للمقالب (غالبا ما تكون المؤثرات الصوتية بسيطة ومحدودة كضحك الجمهور)، لكن المقالب في السوشال ميديا مختلفة تماما
تتطلب المقالب في الإنترنت استخدام الكثير من المؤثرات “بهارات” أو الإضافات للمقلب -خاصة مع تغلغل ثقافة الميمز في الإنترنت- هذه المؤثرات تمنح المقلب أبعادا أخرى يمكن أن تكون مسيئة للضحية، فاستخدام المؤثرات في مقالب السوشال ميديا كثير ومتنوع ومبالغ فيه، كأن يضيف صانع المحتوى ميما أو لقطة قصيرة لأفراد غارقون في الضحك للسخرية من تصرف أو ردة فعل الضحية. الإشكالية في استخدام الميمز أو المؤثرات في مقالب الإنترنت أنها كثيرة وأشكالها متعددة (فيديو، موسيقى، نص، جرافيكس) الأمر الذي يجعل أثرها أكبر ويغير من المقلب أو من صورة الضحية
ما رأي ضحايا المقالب في المقلب بعد إضافة المؤثرات والميمز له؟ هل يندمون على موافقتهم على النشر بعد مشاهدتهم للصورة النهائية للمقلب؟ أزعم أن نسبة كبيرة منهم نادمون على موافقتهم بسبب “البهارات” المضافة للفيديو والتي قد تكون جارحة أو مسيئة لهم. وهنا لا أقترح تجنب استخدام الميمز في المقالب، لكن أضعف الإيمان الحصول على موافقة المشاركين في المقالب بعد الانتهاء من مونتاج الفيديو كي يكونوا على علم تام بالصورة النهائية التي سيظهرون بها
ترضية الضحايا
عادة ما يتلقى الضيوف المشاركون في البرامج التلفزيونية أو في وسائل الإعلام أجرا مقابل وقتهم وظهورهم في البرامج، حتى وإن لم يكن هناك مقابلا ماديا فعلى الأغلب يحصل المشارك على فائدة ما من ظهوره الإعلامي كالترويج له أو لرسالته. لكن ما الذي يستفيد منه المشاركون في برامج المقالب؟ هل يقوم صاحب المقلب بإعطاء المشارك مقابلا ماديا أو معنويا؟ خاصة وأن صاحب المقلب يستغل ردة فعل الضحية وعواطفه لإنجاح البرنامج وكسب مبالغ ليست بالقليلة، ألا يستحق الضحية الحصول على شيء ما؟
في النهاية.. هذه مجرد تساؤلات وليست حكما على برنامج ما بأنه أخلاقي أم لا، فنحن لا نعرف تماما ما الذي يجري خلف الكواليس بين صانع المقلب وضحاياه. حماك الله من الوقوع ضحية مقلب موذٍ