لو كنت تقضي وقتا في اليوتيوب.. فغالبا قد شاهدت الإعلان المستفز: “المال لا ينمو على الأشجار بل ينمو مع أمازون”، أعتقد بأنك لم تكترث له، لكن غيرك قد اهتم به وأخذه على محمل الجد، ومنها بداية بودكاست احتيال
عن بودكاست احتيال
نُشرت أول حلقة من البودكاست في منتصف فبراير 2022، في البداية لم أكن متحمسة لاعتقادي بأن كل البودكاستات باللغة العربية رتيبة وذات نمط واحد، لكن “احتيال” غير كل التوقعات لدرجة أنني جعلت الاستماع للبودكاست نشاطا أشاركه مع زوجي الغير معتاد على ثقافة البودكاست، وارتبط “احتيال” بالمشي في ليالي الشمال الباردة
بودكاست “احتيال” بودكاست استقصائي يحاول فيه مازن العتيبي الكشف عن المحتالين عبر الإنترنت، البودكاست عبارة عن 5 حلقات (مدة كل حلقة حوالي 30 دقيقة)، يحاول فيها الصحفي الكشف عن عملية الاحتيال بتفاصيلها: من هم الضحايا، أساليب إقناع الضحايا وانتهاءًا بهوية المحتالين والتي كانت صادمة، والأكثر من ذلك أنه في نهاية البودكاست كشف أوراقه للمخادعين. كيف كانت ردة فعلهم؟ هل هم نادمون على فعلتهم؟ اعرف الإجابة في البودكاست
قام العتيبي بالعمل على التحقيق مدة السنة والنصف، قضى فيها وقتا مع المحتالين حتى سجل أكثر من 30 ساعة معهم، وُفِّق فريق العمل في كتابة ورواية القصة بأسلوب شيق، فالبودكاست ليس جيدا للتوعية بالاحتيال عبر الإنترنت فحسب، لكنه أيضا مادة مسلية وممتعة لا تكاد تستمع لأول دقيقة حتى تتنهي الحلقة سريعا
الأمر المميز أن مازن لم يتوقف عند نقطة كان يمكنه التوقف عندها، لكنه أكمل التحقيق وكشف جوانب عميقة منه، أنت لا تقف أمام مجموعة أفراد من المخادعين، لكنها صناعة كبيرة ومعقدة. أما عن كيفية كشف الدولة التي أتى منها المحتالين، بدى الأمر صعبا بعض الشيء لكنه كان بسيطا وذكيا فعلا
صعود متسارع وهبوط مفاجئ
يبدو أنك امتعضت من ذكر المحاسن الكثيرة للبودكاست، لكن الكمال لله وحده. يمكن تلخيص رأيي بالبودكاست في الصورة التي توضح صعود مازن العتيبي للقمة بشكل جنوني وهبوطه في الحلقة الأخيرة التي كانت مخيبة للآمال
لماذا كانت مخيبة للآمال؟ ربما لعدم إمكانية وصول مازن بنفسه للمحتالين والتحدث معهم، شعرت أنه كان بالإمكان إجراء المقابلات بشكل أفضل وأخذ المزيد من المحتالين، أو كتابة الحلقة بشكل أفضل، أو محاولة إجراء مقابلات مع الجهات الرسمية من أجل معرفة مصير الأموال المسروقة
لهذا أتمنى من ثمانية ألا تقف عند حدود صنع محتوى عربي ثري والتفكير في مشاركة الخبرات مع المهتمين في الصحافة أو صناعة المحتوى، بالتأكيد لدى ثمانية خبرات ووصفات جديدة يمكن أن تنشئ “مدرسة” في الإعلام
بأي حال.. نحن الجمهور لا نعرف مالذي جرى خلف الكواليس وماهي التحديات التي واجهها صناع البودكاست. لهذا أتمنى من ثمانية ألا تقف عند حدود صنع محتوى عربي ثري والتفكير في مشاركة الخبرات مع المهتمين في الصحافة أو صناعة المحتوى، بالتأكيد لدى ثمانية خبرات ووصفات جديدة يمكن أن تنشئ “مدرسة” في الإعلام. يمكن تجسيد الاقتراح في مركز للتدريب أو على الأقل جلسات نقاشية تتناول فيها حالة من حالات المثيرة والتي يمكن للآخرين الاستفادة منها، مثل: جلسة مع مازن العتيبي في التحقيق الاستقصائي- دراسة حالة بودكاست احتيال
قصة صحفية ذهبية.. لكن لا حياة لمن تنادي
أعترف أن هناك أمرا أشعر بالحنق الشديد تجاهه، ربما ساهم البودكاست في توعية الأشخاص وربما أمتع البعض، لكن مع الأسف لم يلقَ البودكاست الصدى الذي كان يستحقه. وهنا لا أعني من قبل الجمهور بل من المؤسسات الإعلامية، بحثت عما كتب حول بودكاست “احتيال” وكل ما وجدته 3 مقالات ذكرت عمل العتيبي على استحياء! العمل الذي قدمه العتيبي مهم على الصعيد الخليجي والعربي، كان يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تتناول القصة من جوانب أخرى أو أن تكمل ما نقص منها، وأضعف الإيمان الاحتفاء بعمل العتيبي بدلا من الاحتفاء بمشاهير السوشال ميديا الفارغين
ماذا بعد بودكاست احتيال؟
أعلن منتج بودكاست “احتيال” مازن العتيبي عن وجود موسم قادم للبودكاست لم يُحدد موعد نشره، لكن العتيبي شوق جمهوره بأنه يعمل على قصة احتيال كبيرة
ما كشفه العتيبي من احتيال ليس الطريق الوحيد للنصب، بل هو نقطة في بحر النصب والاحتيال عبر الإنترنت، وريثما يكشف الصحفي أو الجهات المعنية الأساليب المختلفة في النصب، سيكون المحتالون -مع الأسف- قد ابتكروا طرقا أخرى لسرقة الجيوب
وحتى موعد صدور الموسم الثاني.. ابقَ أنت وأحبتك محميين من المحتالين