بين كل وقت وآخر تصلني في كورا طلبات لأفكار لإنشاء قنوات يوتيوب أو أسئلة عن أفضل الأفكار لبدء قناة يوتيوب. للأسف لا يبدو أن هذا النوع من الأسئلة سينتهي، لذا سأحاول الإجابة على هذا السؤال. في هذه التدوينة لا أعدك بإعطائك أفكار واضحة، لكني أعدك بأن تصورك عن اليوتيوب سيتوسع وبالتالي قد تتخذ قرارات أفضل بشأن خطوتك للبدء في قناتك على اليوتيوب
جولة في عالم اليوتيوب: الكثير من أصحاب القنوات المغمورة بمتابعين كثر
إذا سألتك أن تذكر أسماء قنوات عربية شهيرة، فعلى الأرجح ستذكر أصحاب قنوات عائلية أو أصحاب القنوات الترفيهية، أو الرياضية أو حتى الطبخ التي أصبح بعض أصحابها مشاهير كالفنانين تقريبا! لكن هل النجاح في اليوتيوب مقتصر على هذا النوع من القنوات؟ هل السير على خطى اليوتيوبرز المشاهير “الناجحين” هو أفضل طريق لإنشاء قناة يوتيوب والنجاح فيه؟
قبل إتخاذك لقرار تقليد القنوات الناجحة.. لنأخذ جولة سريعة في اليوتيوب، لنرى أنواعا مختلفة من القنوات أو “نيش” القنوات على اليوتيوب
أصحاب قنوات الزراعة
لو نصحتك بأن تنشئ قناة يوتيوب وتتحدث فيها عن الزراعة وتعطي نصائح حول الزراعة المنزلية وأنها فكرة ناجحة جدا هل كنت لتأخذ ذلك على محمل الجد؟ غيرك قد فعلها.. تحديدا مروان منصور اللاجئ السوري في لبنان صاحب قناة أسرار الزراعة، الذي يمتلك أكثر من مليون مشترك على قناته على اليوتيوب، لكن مع ذلك لا يوجد تسليط إعلامي حول قصته وقصة نجاحه. مروان ليس الوحيد الذي أنشأ قناة ناجحة مهتمة بالزراعة، يوجد غيره مثل: قناة نعيم حجاب، عبد الرحمن شحاتة لزراعة الأسطح، القناة الزراعية، مختصر الزراعة. ويتراوح عدد المتابعين لديهم من 100 -450 ألف مشترك. هل بدأت بتغيير نظرتك حول الأفكار التي تجعلك ناجحا على اليوتيوب؟
أصحاب قنوات الحياة الريفية الصامتة
لا أدري كيف تعرفت على قناة كنتري لايف فلوج لكن بالتأكيد خوارزميات اليوتيوب هي من اقترح القناة وعرفني إليها، تعرض القناة الحياة الريفية الهادئة لعائلة أذربيجانية في ريف أذربيجان، يقوم الابن بتصوير الأنشطة اليومية لأبويه، مثل: الزراعة والحصاد، الطهي، الاعتناء بالمشاية، تحضير المؤونة، كل ذلك بدون النطق بكلمة – غالبا- لأن الصورة تغني عن الكلام؛ ولأن جمال الطبيعة والرتم الهادئ سيجعلانك تسترخي كثيرا وتستمتع بالتعرف على أسلوب حياة وثقافة الأذريين. البساطة والجمال جذبا حوالي 5 مليون مشترك في القناة، والأمر الآخر المثير للاهتمام أن جمهور القناة من جميع أنحاء العالم
قد تظن أن هذه مجرد قناة واحدة نجحت -صحيح أن قناة كنتري لايف فلوج من أنجح القنوات الريفية الصامتة- لكن هناك الكثير من القنوات الأخرى الأذرية والتركية والإيرانية والروسية وغيرها التي تحاول السير على خطى القناة، حتى نشأت موضة جديدة ونوع جديد من قنوات اليوتيوب. أعتقد أن حياة البدو في الخليج أو المنطقة أو الريف في مصر مثلا ستكون مثيرة للاهتمام أيضا، ولو نُفذت بالشكل الصحيح.. ستجد جمهورا كبيرا ينتظرها
القنوات العائلية الشعبية
ربما خطر في بالك إنشاء قناة عائلية مثل القنوات العائلية المشهورة، لكنك ربما ترددت قليلا لأن منزلك أو عائلتك لا تبدو “مثالية” كالعوائل اليوتيوبية الشهيرة! لكن ماذا لو قلت لك أن هناك الكثير من القنوات العائلية “الشهيرة” – لها متابعين كثر لكن بمستوى اجتماعي أقل – وهنا لا أقلل من شأن القنوات العائلية “الشعبية” بل سعيدة لأجلهم – بالرغم من تحفظي الشديد على فكرة القنوات العائلية ككل- لكن أسعد لأجل عائلات وسيدات بسيطات ومهمشات أحيانا حصلن على فرصة لتحسين دخلهن وحياتهن. يعني حلال على عائلة أنصالة وحرام على عائلة ريفية بسيطة؟
مربط الفرس أن جمهور اليوتيوب ضخم ومنوع، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها فيمكنك جذب جمهورك الخاص بك، ربما لن تستطيع جذب جمهور أنصالة، لكن بالتأكيد ستجد من يحبك ويتابعك
قنوات الروتين المنزلي
ربما تتثاقل\ين أحيانا من قيامك بأعمال المنزل اليومية من تنظيف وطهي واعتنائك بأهل بيتك، لكن هل تصدق أن هناك سيدات يتربحن من اليوتيوب بمجرد القيام بالأعمال المنزلية اليومية فقط؟! والمدهش في الأمر أن متابعي هذا النوع من القنوات كبير، وعدد صاحبات هذا النوع من القنوات يزداد أكثر فأكثر
في هذا النوع من الفيديوهات تصور السيدة نفسها وهي تنظف، تطبخ، تكوي، تغسل، تكنس، مع فويس اوفر لتحكي للجمهور ما تقوم به. والأمر الآخر المميز أن هذا النوع من الفيديوهات لا يقتصرعلى طبقة اجتماعية محددة، بعض القنوات بمنزل “مثالي” والبعض الآخر متواضع جدا، وكلا النوعين له جمهوره ومتابعيه، فالكثير من القنوات تتعدى الاشتراكات فيها النصف مليون متابع
لكن فكر في الفكرة نفسها، إنه لأمرغريب ومجنون أن تتكسب من قيامك بمهامك اليومية، تخيل أن تصور نفسك في العمل كل يوم وتنشر ما يحصل معك في يومك وتتكسب منه إنه عالم مجنون فعلا.. وبالطبع لا أدعم هذا النوع من القنوات لأنه ينتهك خصوصية العائلة والمنزل
لكن فكر في الفكرة نفسها، إنه لأمرغريب ومجنون أن تتكسب من قيامك بمهامك اليومية، تخيل أن تصور نفسك في العمل كل يوم وتنشر ما يحصل معك في يومك وتتكسب منه إنه عالم مجنون فعلا.. وبالطبع لا أدعم هذا النوع من القنوات لأنه ينتهك خصوصية العائلة والمنزل- وإن لم تقم السيدة بتصوير وجهها أو عائلتها- ناهيك عما يمكن أن يترتب على نشر الخصوصيات من حقد وحسد وغيرة، فضلا عن مصداقية السيدة فيما تقوم به، هل تقوم بذلك لأجل المتابعين؟ أم تقوم بذلك فعلا وإن لم تكن الكاميرا حاضرة؟
إذا.. بعد التعرف على أنواع قنوات ناجحة وغريبة أو فكرتها غير شائعة..فالسؤال يعود: هل أقوم بتقليد القنوات الناجحة؟ أم أجازف ببدء فكرة قناة أًصلية نابعة مني لا يقوم بها كثيرين؟
استراتيجية المحيط الأزرق واستراتيجية المحيط الأحمر
لنضع الكلام ضمن إطار نظري تحديدا نظرية المحيط الأزرق والمحيط الأحمر التي وضعها تشان كيم ورينيه موبورن
عندما بدأت قناة كنتري لايف فلوج، لم يكن هذا النوع من القنوات معروفا حيث أنها بدأت بشكل عفوي أثناء الجائحة، عندما خسر الابن عمله كطاهٍ في مطعم، وبعدها بدأ في تصوير حياة والديه في الريف، وحالفهم الحظ وبدأت قناتهم بالانتشار حتى أصبحت نوعا من أنواع القنوات على اليوتيوب. وهذا مثال استراتيجية المحيط الأزرق، عندما تخلق نوعا جديدا من قنوات اليوتيوب وتبدأ فيها
وعلى العكس.. عندما نأخذ عائلة يوتيوبية شهيرة – عدا العائلات الأولى التي بدأت هذا النوع من القنوات مثل عائلة مشيع، أنصالة، عصابة بدر مثلا- نراهم ينفذون فكرة قناة ناجحة أو رائجة وينجحون فيها، وهذه هي استراتيجية المحيط الأحمر، حيث يكون هناك الكثير من الطلب على هذا النوع من القنوات، يمكن القول بأن إنشاء قناة ألعاب، مكياج، طبخ، تعليم اللغة الإنجليزية، تدخل ضمن هذه الاستراتيجية، فعلى الرغم من كثرة أنواع هذه القنوات إلا أن هناك جمهورا كبيرا لها
إذا.. أي النهجين أفضل؟
أيا كان قرارك.. تذكر أن كل ما ستنشره ستحاسب عليه في الآخرة، اجتهد بأن يكون ماتنشره على اليوتيوب ستفخر به أمام الله ورسوله يوم القيامة
الخلاصة
في النهاية أرى أن اتباع أحد الطريقين صحيح.. سواء في بدئك بقناة بفكرة شائعة (الإبحار في المحيط الأحمر) أو البدء بقناة بفكرة جديدة أو فكرة لم تُستهلك كثيرا (الإبحار في المحيط الأزرق). الأمر يتوقف على تخطيطك والإمكانيات التي لديك ومثابرتك، حتى لو بدأت بفكرة قناة جديدة تماما ولم يتوفر لديك فهم كامل لمنصة اليوتيوب أو المثابرة والاستمرارية لن تنجح في اليوتيوب، فكرة القناة بحد ذاتها لن تجعل منك شخصا ناجحا على اليوتيوب، الأمر يتوقف عليك أخيرا.. أيا كان قرارك.. تذكر أن كل ما ستنشره ستحاسب عليه في الآخرة، اجتهد بأن يكون ماتنشره على اليوتيوب ستفخر به أمام الله ورسوله يوم القيامة