ما لا تعرفه عن القطب الجنوبي

ربما شاهدت فيديو مستر بيست وأصحابه يغامرون في القطب الجنوبي، حيث أمضوا في القارة المعزولة حوالي 50 ساعة، أو ربما استمتعت بمشاهدة عمر فاروق (عمر يجرب) وهو يعبر أخطر البحار ليصل للقطب الجنوبي، على الرغم من أن الفيديوهين كانا ممتعين، لكنهما خلقا أسئلة كثيرة منها: ماذا يوجد في القطب الجنوبي؟ لأي دولة يتبع القطب الجنوبي؟ من يمتلكه؟ هل يحق لنا الاستفادة من موارده؟ ظننت أن البحث عن هذه الإجابات سيكون سهلا وواضحا، لكنه لم يكن كذلك.. وكمحاولة للفهم يجب علينا أولا معرفة معلومات أساسية حول القطب الجنوبي

مغامرة عمر يجرب في القطب الجنوبي

الفرق بين القطب الجنوبي والقطب الشمالي

يظن البعض أن هناك قارتين قطبيتين شمالية وجنوبية لكن هذا ليس صحيحا، ففي القطب الشمالي لا وجود لقارة قطبية، وإن شاهدت أحدا سافر إلى القطب الشمالي وقد حطت قدمه على يابسة، هو في الحقيقة قد ذهب لإحدى الدول التي تقع في دائرة القطب الشمالي، مثل: ألاسكا في الولايات المتحدة، روسيا، كندا، أو حتى جرينلاند التابعة للدنمارك. وعلى العكس ففي القطب الجنوبي توجد قارة قطبية جنوبية، مساحتها تقدر بحوالي 13 مليون كيلومتر مربع (أكبر من مساحة أستراليا، وتساوي حوالي 6 مرات مساحة المملكة العربية السعودية)، لكن 99% من القارة تغطيها الجليد والثلوج، لدرجة أن سمك الجليد يصل في بعض المناطق إلى حوالي 5 كيلومتر! إنه لأمر مخيف أن تقف في مكان وتحتك 5 آلاف متر من الجليد

المناخ في القطب الجنوبي

إذا كنت تعشق الشتاء فعليك بالذهاب للقطب الجنوبي؛ لأنه يعتبر من أشد الأماكن برودة على كوكب الأرض، فقد سُجلت في عام 1983 أبرد درجة حرارة على وجه الأرض في محطة فوستوك الروسية -89 درجة مئوية، لكن لا تقلق.. درجات الحرارة في القارة تختلف من مكان لآخر ومن وقت لآخر، فدرجات الحرارة في المناطق الساحلية تكون أقل برودة من المناطق الداخلية شديدة البرودة، تتراوح درجات الحرارة في المناطق الساحلية في الصيف بين 0-9 درجة مئوية، وفي الشتاء 10-30 تحت الصفر، بينما في المناطق الداخلية المرتفعة تكون حوالي -20 درجة في الصيف وفي الشتاء -60 درجة. أي أن درجة الحرارة متفاوتة في القارة

الحياة في القارة المتجمدة

القارة القطبية الجنوبية هي القارة الوحيدة التي لا وجود للأشجار أو الحشائش فيها؛ بسبب البرودة الشديدة، لكن يعيش نوعين من الطحالب فقط على بعض أجزاء شواطئ القارة. بالرغم من قسوة المناخ في القطب الجنوبي إلا أن هناك مخلوقات حية قاومت الظروف الصعبة في القارة كالحيتان والفقمات والكثير والكثير من البطاريق، لكن لا وجود للدببة القطبية أو الذئاب في القطب الجنوبي

ماذا يوجد في القطب الجنوبي؟

محطات الأبحاث العلمية في القارة

صحيح أنه لا يوجد سكان أصليون يعيشون في القطب الجنوبي، إلا أن هناك من يعيش في القارة المعزولة وهم العلماء والباحثون والعمال في محطات البحث العلمي المنتشرة في القارة، تقوم هذه المحطات بعمل أبحاث في مجالات مختلفة مثل: العلوم البيولوجية، دراسات المناخ والتغير المناخي، الفضاء والفلك. لكن قد تتسائل: لماذا توجد هذه المحطات في القطب الجنوبي؟ أليس من الأفضل أن تُبنى في أماكن أخرى من العالم؟ في الحقيقة إن موقع القارة يوفر مزايا عديدة قد لا تتوفر في مكان آخر، مثل: صفاء السماء، ارتفاع الأرض، الرطوبة المنخفضة، واستقرار الغلاف الجوي، لذا لا تتعجب مثلا من وجود العديد من التلسكوبات في القطب الجنوبي

إن كنت مهووسا بالعلم وبالقارة المتجمدة فيمكنك الالتحاق بالبرامج الوطنية الخاصة بالقطب الجنوبي، لكن للأسف لا أعتقد أن بلدك لديه برنامج وطني مختص بالقطب الجنوبي، حيث أن القيام بالأبحاث العلمية بالقارة أمر مكلف ولا توجد دولة عربية خصصت أموالا للقيام بأبحاث علمية في القارة

بحسب مجلس مديري البرامج الوطنية في القطب الجنوبي يوجد في القطب الجنوبي 76 محطة أبحاث (40 منها تعمل على مدار العام و36 الباقية في فصل الصيف فقط)، تتبع هذه المحطات ل30 دولة وقعت على اتفاقية القطب الجنوبي -أو اتفاقية انتاركتيكا- المهمة جدا والتي ربما سأكتب عنها لاحقا

إن كنت مهووسا بالعلم وبالقارة المتجمدة فيمكنك الالتحاق بالبرامج الوطنية الخاصة بالقطب الجنوبي، لكن للأسف لا أعتقد أن بلدك لديه برنامج وطني مختص بالقطب الجنوبي، حيث أن القيام بالأبحاث العلمية بالقارة أمر مكلف ولا توجد دولة عربية خصصت أموالا للقيام بأبحاث علمية في القارة. لكن لا تيأس فيمكنك الذهاب للقطب الجنوبي عن طريق السياحة، نعم.. يوجد مهووسين يدفعون مبالغ طائلة للسفر إلى القارة المعزولة، يمكنك معرفة المزيد عن السياحة في القطب الجنوبي في هذه التدوينة

ثروات القطب الجنوبي

عند الحديث عن القارة القطبية الجنوبية.. لا أعتقد أنه يمكننا تجاهل الثروات التي تخبئها القارة من نفط ومعادن، ثروة سمكية ومياه عذبة

نفط وغاز ومعادن

يقدر الخبراء وجود حوالي 19 مليار برميل من النفط و106 تريليون قدم مربع من الغاز الطبيعي في بعض البحار المحيطة بالقطب الجنوبي، كما أن هناك توقعات بوجود العديد من المعادن في القارة: مثل الرصاص، الزنك، القصدير، الفضة، الذهب، اليورانيوم، الألماس، لكن وجود هذه المعادن يبقى مجرد توقعات وليس مبنيا على حقائق بوجودها، وحتى عندما يتعلق الأمر بمعادن تم اكتشافها فعلا في القارة كالفحم والنحاس، إلا أن التركيزات التي وجدت قليلة مما يجعل استخراجها غير مجدٍ ماديا. وحتى لو كان مجديا اقتصاديا فإن هناك عقبات لوجستية وسياسية مرتبطة باستخراجه، مثل: وجود حظر على التعدين واستخراج المعادن من القطب الجنوبي، حيث وقعت الدول على البروتوكول البيئي -أو بروتوكول مدريد- الذي يحظر تنقيب واستخراج المعادن من القارة (لكن الحظر قد يُرفع في عام 2048). ناهيك عن الصعوبات المرتبطة بالتعدين كالبرد القارس وبُعد القارة

الكثير من الأسماك في أقصى الجنوب

يعد المحيط المتجمد الجنوبي من أكثر المحيطات الغنية بالثروة السمكية، على الرغم من محدودية أنواع الكائنات البحرية هناك إلا أن أعدادها هائلة جدا تجعلها ذات أهمية اقتصادية كبيرة، تقدر عوائد الصيد من المحيط الجنوبي أكثر من مليار دولار سنويا. صحيح أن استخراج المعادن من القارة محظور إلا أن الصيد في مياه المحيط الجنوبي والبحار القريبة منه مسموح لكنه منظم وخاضع لتشريعات هيئة الحفاظ على الموارد البحرية الحية في القطب الجنوبي، وأشهر الكائنات البحرية التي يتم صيدها من المحيط الجنوبي: الكريل، سمك الزعانف، والسمك الحاد أو سمك الباس التشيلي أو كما يسمى الذهب الأبيض

خزان العالم من المياه العذبة

قرأتَ في الأعلى أن 99% من القارة تغطيه الجليد، هذه الكمية الضخمة من الجليد تشكل حوالي 70% من المياه العذبة في العالم والتي يمكن أن تلبي احتياجات 5 مليار شخص من المياه. قد تتسائل: لماذا لا يتم الاستفادة من المياه وحل أزمات الجفاف ونقص المياه في العديد من الدول؟ لست الوحيد الذي فكر بالأمر، فقد خططت دول عديدة منها: الولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا وأستراليا والسعودية بجر جبال جليدية من القطب الجنوبي والاستفادة من مياهها، لكن الخطط لم تُنفذ بسبب وجود صعوبات تقنية وارتفاع التكلفة، لكن بالرغم من هذا فإن بعض الخبراء يقولون بأن الفكرة قد تصبح قابلة للتنفيذ في المستقبل بسبب التطور التكنولوجي

المصادر

Related Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *